امريكا تعلن تدمير ميناء رأس عيسى لتقويض القدرات العكسرية والاقتصادية للحوثيين
تواصل الولايات المتحدة تصعيدها العسكري في اليمن، ضمن حملة منسقة تستهدف تقويض القدرات العسكرية والاقتصادية لجماعة الحوثي. وفي تطور لافت اليوم، أعلنت مصادر إعلامية متقاطعة أن القوات الأمريكية شنّت ضربات دقيقة على ميناء رأس عيسى النفطي، الواقع على الساحل الغربي لليمن، في محافظة الحديدة. ويُعد هذا الميناء من أهم المواقع الاستراتيجية التي استخدمتها الجماعة في السنوات الأخيرة كممر اقتصادي لتمويل عملياتها، خاصة في ظل سيطرتها الكاملة عليه.
استهداف ميناء بحجم وأهمية رأس عيسى لا يأتي عبثًا؛ بل يحمل أبعادًا سياسية واقتصادية واضحة. الولايات المتحدة تسعى من خلال هذه الحملة إلى حرمان الحوثيين من أدواتهم المالية والدعائية، عبر ضرب مراكز التمويل والضغط على مصادر الدعم اللوجستي التي تُستخدم في تهديد الملاحة الدولية، وخاصة في البحر الأحمر. ومع تزايد الهجمات على السفن التجارية منذ مطلع العام، يبدو أن واشنطن قررت الانتقال من استراتيجية الاحتواء إلى استراتيجية الضربات الاستباقية.
ميناء رأس عيسى، رغم محدودية نشاطه الفعلي في السنوات الأخيرة، ظل يحتفظ برمزيته كنافذة بحرية مهمة للتعاملات النفطية، فضلًا عن قربه من الناقلة المتهالكة “صافر”، التي تمثل خطرًا بيئيًا داهمًا. هذا الاستهداف يبعث برسالة مزدوجة: الأولى للجماعة المسلحة بأن مواردها الاقتصادية لن تبقى بمنأى عن الردع، والثانية للمجتمع الدولي بأن واشنطن جادة في حماية خطوط التجارة الدولية، حتى وإن أدى ذلك إلى ضرب بنى تحتية مدنية أو شبه مدنية في مناطق النزاع.
وفي الوقت الذي تصدر فيه جماعة الحوثي بيانات تتوعد بالرد، وتصف الهجوم بأنه “عدوان أمريكي مباشر”، يزداد الغموض بشأن انعكاسات هذه الحملة على جهود الوساطة الأممية ومسار التفاوض المتعثر، لا سيما بعد مؤشرات خجولة عن محادثات خلف الكواليس كانت تسعى لوقف إطلاق النار وتثبيت تهدئة طويلة الأمد.
اقتصاديًا، يمثل استهداف الميناء ضربة معنوية قبل أن يكون خسارة تشغيلية، فالقطاع النفطي في اليمن لا يعمل بكامل طاقته أصلًا بسبب الانقسام السياسي وتوقف الاستثمارات. لكن تدمير البنية التحتية يراكم التحديات أمام أي محاولة لاحقة لإعادة الإعمار أو إعادة تشغيل المرافق، في بلد يُصنف ضمن الأسوأ من حيث الجاهزية اللوجستية بعد الحرب.
اللافت أن هذه الضربات تأتي في وقت تتجه فيه السعودية نحو تخفيف التوتر مع إيران، وتعمل على تحييد الساحة اليمنية من النزاعات الكبرى، ما يجعل المشهد الإقليمي أكثر تعقيدًا. فبينما تنفتح الرياض على طهران، تكثّف واشنطن ضرباتها ضد وكلائها، وهو ما قد يضعف فرص التقارب أو يدفع الحوثيين نحو التصعيد الميداني، كوسيلة للرد وإعادة التموضع في معادلة الردع.