صباح الخير أخي علي عبد الرحمن
عبد الباري طاهر
من منا لا يعرفك؟!
من منا لا يعرف الفادي الكبير اللامع في الظلام علي عبد الرحمن. كان علي نجمًا في ليالي القمع والإرهاب والتقتيل. علي عبد الرحمن من أكثر المنغمسين في العمل الحزبي السري بما فيه من ظلمات ومخاطر في سبعينات وثمانيات القرن الماضي في الجمهورية العربية اليمنية. يوم كان الإعدام واحدًا من عقوبات المنتمي للحزب، خصوصًا إذا كان هذا الحزب اسمه «الحزب الديمقراطي الثوري»؛ الآتي من حركة «القوميين العرب»؛ الحركة التي أنجزت الاستقلال في جنوب الوطن، ويتطلع إلى الامتداد في الشمال لحسم الصراع ضد انقلاب الـ 5 من نوفمبر 1967.
كان الفادي علي في طليعة المؤسسين في حركة طلاب الحزب. كان في رأس الحركة الطلابية المؤسسة علي بشر عبد الودود، وهاشم عبد العزيز، وعلي محمد زيد- عضو قيادة المقاومة الشعبية، وعلي عبد الرحمن (عباس)، وأحمد حسن سعيد وآخرين.
كان علي في رأس الحركة الطلابية، والحركة النقابية العمالية، ومن أكثر كوادر الحزب نشاطًا وكسباً، ورغم الملاحقات – ملاحقة الأجهزة الأمنية إلا أنه كان يمتلك قدرة وخبرة على التخفي والتزويغ. لاتراه إلا باسمًا شديد الاطمئنان والوثوق.
علي عبد الرحمن عبد الجليل (عباس) الاسم التنظيمي الذي اشتهر به وطغى على اسمه؛ وذلكم مرده إلى الدور الزاكي الذي اضطلع به في التأسيس في الحركة الطلابية، ودوره في العمل النقابي العمالي والفلاحي.
لعلي عبد الرحمن دور في بناء في كيانات منظمات الحزب الديمقراطي، وفيما بعد الحزب الاشتراكي، ولكنه لا يدعي شيئًا، ولم يأخذ شيئًا، ولم يطلب ثمنًا أو اعترافًا بدوره الديمقراطي والنبيل.
كان علي عبد الرحمن بسمةً رائعة لا تلقاه إلا ضاحكًا. قلبه مفتوح كعقله. لا يعرف معنى للعداوة أو الضغينة. من (الذين يمشون في الأرض هونا، وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما).
قلائل من أحزاب اليسار من أفنى زهرة عمره، وأنفق رأس مال شبابه في بناء وتنظيم قوة اليسار التقدمي. لقد كان علي عبد الرحمن واحدًا من أوائل الفادين والمبادرين. تولى مواقع مهمة في قيادة حزبه الديمقراطي الثوري. لا يحب الظهور، ولا ينافس ولا يزاحم أو يدعي. إنه مثال أعلى وصادق للمناضل الثوري والحزبي المتفاني. عرفته عن قرب، وكان رمزًا للوفاء والصدق والتضحية.
اعتقل أواخر سبعينات القرن الماضي، وتعرض للتعذيب القاسي والمدمر إلى جانب رفيقه عبد الرحمن غالب- العضو القيادي البارز في الحزب الديمقراطي، والذي ظل معتقلا حتى قيام الوحدة في الـ 22 من مايو 1990 إلى جانب العشرات والمئات.
عاش علي عبد الرحمن عفيفًا قانعًا زاهدًا مواقعه في الحزب كانت الواجب الوطني الذي دفعه لخدمة قضايا بناء كيان موحد وديمقراطي، وكان إلى جانب حشد المدافعين عن قضايا الحرية والديمقراطية والتنمية والبناء والعدل الاجتماعي. لحق به الكثير من الظلم داخل حزبه، وفي الملاحقة والاضطهاد والتعذيب من قبل الأمن.
يتمتع هذا المناضل بصبر قل نظيره، وبتواضع جم وأخلاق رفيعة واستقامة وخلق. الحزن عليه كبير، وأثره العميق في الحياة لن ينسى؛ فله المعزة في الدنيا، والمجد والخلود في الأخرى