إسرائيل تبحث عن طرف ثالث لتحويل أموال المقاصة للفلسطينيين
ويذكر انه في نوفمبر، وافق مجلس الوزراء على تحويل جزئي للأموال إلى السلطة الفلسطينية، مع خصم ما يقرب من نصف المبلغ الأولي. وبرر سموتريتش هذه الخطوة حينها بزعمه احتمال وصول الأموال إلى حركة المقاومة الإسلامية حماس ، وقد واجهت السلطة الفلسطينية القرار برفض استلام أي أموال حتى يتم تضمين الأموال المخصصة للخدمات والموظفين في قطاع حماس .
وأشارت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” أنه رغم الضغوط الأميركية الكبيرة على اسرائيل للإفراج عن أموال السلطة، ظل سموتريتش ثابتا على موقفه. ويقتضي الاقتراح الأخير تحويل الأموال إلى طرف ثالث، مثل النرويج، قبل الوصول إلى رام الله، بشرط عدم قيام النرويج أو أي دولة ثالثة أخرى بتحويل الأموال إلى قطاع غزة.
وأضافت الصحيفة أنه بموجب الاتفاق فإن سموتريتش “يملك صلاحية تجميد كل أموال السلطة لدى إسرائيل، إذا تبين أن المال يُنقل إلى موظفي السلطة الفلسطينية في غزة”، ونقلت الصحيفة عن مصادر، أن سموتريتش، ورئيس الوزراء بنسامين نتنياهو ووزير الشؤون الإستراتيجية رون ديرمر، أيدوا الحل المقترح على نطاق واسع، في ظل معارضة وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير للمقترح.
وقد أعربت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن عن مخاوفها من أن يؤدي الانهيار الاقتصادي للسلطة إلى تصعيد عنيف في الضفه الغربية نتيجة عدم قدرتها على دفع رواتب قواتها الأمنية.
ومنذ بداية الحرب على غزة في السابع من أكتوبر، أعلن سموتريتش رفضه تحويل أموال المقاصة كاملة إلى السلطة الفلسطينية.
وتجمع إسرائيل الضرائب نيابة عن السلطة مقابل واردات الفلسطينيين على السلع المستوردة وتُحول الأموال إليها شهريا بمتوسط 750-800 مليون شيكل (نحو 190 مليون دولار)، يحول منها لقطاع غزة في الأحوال الطبيعية 270 مليون شيكل (نحو 75 مليون دولار).
وتوزع الأموال المخصصة لغزة بنحو 170 مليون شيكل توجه لرواتب موظفي السلطة الفلسطينية بالقطاع، و100 مليون شيكل لسداد فاتورة الوقود الخاصة بمحطة كهرباء غزة.وتعتمد السلطة الفلسطينية بشكل كبير على هذه الأموال التي تسمى المقاصة في دفع رواتب موظفي القطاع العام.ولم تتمكن السلطة خلال الشهرين الأخيرين من دفع رواتب موظفي القطاع العام إلا جزئيا، وبالاقتراض من المصارف المحلية.
تاريخ واتفاقية باريس التي كبلت السلطة الفلسطنية
ابرمت اتفاقية باريس كالبروتوكول الاقتصادي الملحق باتفاقية أوسلو، ووقعتها السلطة الفلسطينية وإسرائيل في باريس في 29 أبريل1994.وتتكون الاتفاقية من 82 بندا بهدف تنظيم العلاقات الاقتصادية عبر للجنة الاقتصادية المشتركة” بين الطرفين خلال 5 سنوات هي عمر المرحلة الانتقالية من اتفاقية أوسلو التي انتهت فعليا عام 1999، غير أن هذه اللجنة لم تجتمع سوى مرات قليلة، قبل أن تجمدها إسرائيل كليا عقب اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000.
وجوبهت مطالبات سابقة للسلطة بإجراء تعديلات على بعض بنود الاتفاقية -التي مضى أكثر من ربع قرن على توقيعها- برفض إسرائيلي.ووصفت دراسة للاتحاد العام للاقتصاديين الفلسطينيين بعنوان “الاقتصاد الفلسطيني المجني عليه باتفاقية باريس الاقتصادية” هذه الاتفاقية بأنها “مصيدة” دخلتها منظمة التحرير الفلسطينية جراء عدم خبرة المفاوض الفلسطيني بالقضايا الاقتصادية والمالية والفنية، ولم تستطع الفكاك من هذه المصيدة حتى الآنفي المقابل، امتلكت إسرائيل القرار النهائي بكل ما يتعلق بالتنمية الاقتصادية الفلسطينية التي قيدتها الاتفاقية بالموافقات الإسرائيلية السياسية والأمنية والمهنية.
ماذا يعني الماقصة
تعزيز قيود الاتفاقية على نهضة الاقتصاد ونموه فإنها في جانب مهم حاصة فيما يتعلق بالمقاصة (عائدات الضرائب) كانت سببا في أزمات السلطة المالية المتكررة، فضلا عن استخدام إسرائيل أموال الإيرادات الجمركية التي تحصلها نيابة عن السلطة “كورقة ضغط وابتزاز سياسي”، وتعمد إلى حجزها وعدم تحويلها لخزينة السلطة رغم أنها تحصلها في مقابل 3% كرسوم تحصيل وإدارة.
وأموال المقاصة التي تقدر شهريا بنحو 188 مليون دولار تشمل الضرائب التي تفرضها إسرائيل على السلع الواردة لأراضي السلطة الفلسطينية من الخارج، و75% من ضريبة الدخل التي تحصلها من العمال الفلسطينيين الذين يعملون داخل إسرائيل، وكل قيمة الضريبة المحصلة من العمال الفلسطينيين في المستوطنات، إضافة إلى رسوم معاملات أخرى.
وشرعنت إسرائيل الاستيلاء على هذه الأموال في مارس/آذار 2018 عندما صدّق الكنيست على مشروع قانون باحتجاز مبالغ تعادل قيمة المخصصات المالية التي تدفعها السلطة لعائلات الشهداء والأسرى.
وفي مايو/أيار من ذلك العام ردت السلطة بوقف التنسيق الأمني ورفض استلام المقاصة منقوصة، غير أنها لم تصمد طويلا لتقرر في نوفمبر/تشرين الثاني 2019 استئناف التنسيق الأمني، وقالت -في حينه- إن قرارها جاء بعد تحويل إسرائيل كامل المستحقات المالية وتقدر بـ3 مليارات و768 مليون شيكل (الدولار يعادل 3.10 شيكلات).
غير أن تصريح اشتية الأخير يؤكد أن إسرائيل لم تلتزم بتحويل هذه الأموال، ولا تزال تقتطع منها، الأمر الذي وضع السلطة في أزمة مالية جديدة ومتكررة.
ويقول مختصون إن السلطة لا تقوى على الصمود ماليا من دون أموال المقاصة التي شكلت نحو 68.4% من إجمالي إيرادات السلطة عن السنة المالية 2017، بحسب بيانات وزارة المالية الفلسطينية.