استمرار التصعيد العسكري الأمريكي في اليمن: غارات مكثفة وتغيّرات في موازين الدعم الإقليمي

تشهد الساحة اليمنية تصعيدًا عسكريًا ملحوظًا من قبل الولايات المتحدة، وسط تزايد التوترات في البحر الأحمر والخليج العربي. ففي الأسابيع الأخيرة، نفذت القوات الأمريكية سلسلة من الضربات الجوية ضد مواقع تابعة لجماعة الحوثي، في ما يبدو أنه رد على تكرار الهجمات الحوثية التي استهدفت السفن والممرات المائية الدولية.

في الثامن من أبريل 2025، شنت الطائرات الأمريكية غارات على مدينة الحديدة الساحلية، مستهدفة منطقة “الجوك” الواقعة بالقرب من المطار، والتي كما صرح الامريكيةن  يُشتبه باستخدامها لإطلاق هجمات بحرية. وأعلنت جماعة الحوثي عن مقتل شخصين وإصابة 13 آخرين جراء تلك الغارات، التي جاءت بعد أيام فقط من غارات مشابهة استهدفت العاصمة صنعاء.

وفي السادس من أبريل، أسفرت ضربة جوية أمريكية على منزل في صنعاء عن مقتل أربعة أشخاص وإصابة أكثر من 20، وفقًا لما أعلنته وسائل إعلام تابعة للحوثيين.

يأتي ذلك منذ منتصف مارس الماضي  حيث  كثفت الولايات المتحدة من عملياتها الجوية، لأكثر من 200 غارة استهدفت مواقع عسكرية ومنشآت اتصالات، ضمن حملة تهدف إلى تقليص قدرات الحوثيين على تنفيذ هجمات بطائرات مسيّرة أو صواريخ بعيدة المدى. ورغم شدة القصف، تشير تقارير استخباراتية إلى أن نتائج الحملة على الأرض محدودة، إذ تعتمد الجماعة على إخفاء ترسانتها في أنفاق ومخابئ تحت الأرض.

في المقابل، عززت واشنطن من وجودها العسكري في الشرق الأوسط، حيث تم تمديد فترة انتشار حاملة الطائرات “هاري إس. ترومان” إلى جانب إرسال مجموعة حاملة الطائرات “كارل فينسون”، في خطوة تهدف إلى ردع التهديدات الإقليمية وتأمين خطوط الملاحة الدولية.

اللافت في هذا التصعيد هو ما كشفته بعض المصادر الدولية بشأن انسحاب جزئي لعناصر من الحرس الثوري الإيراني من اليمن بحسب وسائل اعلام عربية وامريكية ، وهو ما يُفهم على أنه تراجع في حجم الدعم الإيراني للحوثيين، أو على الأقل إعادة تموضع استراتيجي في ظل الضغوط العسكرية والسياسية المتصاعدة.

 الجدير بالذكر أن الكلفة التقديرية للعملية العسكرية الأمريكية في اليمن منذ مارس بلغت نحو مليار دولار، وهو رقم يعكس حجم الانخراط الأمريكي في هذا الصراع المعقّد، الذي لا تزال آفاقه مفتوحة على احتمالات التصعيد أو التهدئة المشروطة.

وبينما تستمر الضربات ويتصاعد القصف، تبقى معاناة المدنيين هي الثابت الوحيد في هذا المشهد المتغير، وسط غياب أفق سياسي واضح ينهي حالة الحرب المستمرة منذ سنوات وحسم المعركة داخليا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *